الثلاثاء، 8 مارس 2011

بين أروقة المجلات |

    


وجدت نفسي فجأة وأمامي مجموعة مجلات لا أدري من أين أتت ..
ولا كيف وصلت إلى منزلنا ؟!
تبدو إصدارات قديمة نوعا ما .. ولم تكن ذات طابع إسلامي وهذا أكثر ما أثار عجبي !
زفرت زفرة ضجر إذ علمت منذ الوهلة الأولى أن علي التخلص منها ..
فلا أحد هنا ممن يهتم بمثل هذا النوع من المجلات أو يلتفت إليها ..
مغلوبة على أمري تكفلت بإتلافها ،
وبمحض إرادتي قلبت صفحاتها ، طامعة في الوقوف على شيء ولو يسير من الفوائد .
ألم يقولوا أنه لا يخلو كتاب من فائدة ؟
حسنا .. سأعاملها على هذا الأساس وسأبحث سريعا عن فائدة محشورة بين هذا الكمّ من التفاهات !
كانت عملية البحث سريعة .. وكلما مررت بموضوع أعتقد أنه سيفيدني نزعت أوراقه من قلب المجلة ..
وهكذا حتى انتهيت من انتزاع ما لفت نظري في بضع دقائق ..
ثم مزقت باقي الصفحات حتى كلّت يداي : (
تخلصت منها .. وعدت أسترق النظر للوريقات التي احتفظت بها ..
سأقرؤها لأرى ما تحوي .. ولكن ليس قبل أن أنهي بعض الأعمال التي مازالت معلقة ..
لم يمضِ الكثير من الوقت حتى كنت قد فرشت الصفحات أمامي ..
وبجانبي استقر دفتر في قلبه قلم استعدادا لنقل كلمات تستحق النقل _ إن وجدت _
حقيقةً لم تكن مسارعتي لقراءتها ناجمة عن حماس ورغبة ..
أبدا لم يكن ذلك .. فهناك كتب تنتظرني أولى من هذه الصفحات بالقراءة ..
إلا أني أعلم _ يقينا _ أنه لن يهدأ لي بال حتى آتي عليها وأرى ما فيها !
وهكذا كان ,,
قرأتها .. وكما توقعت لم تخلُ المحاولة من فائدة ..
تختلف هذه الفائدة كثرة وقلة من صفحة لأخرى ..
فأحيانا لا أخرج من عامود كامل إلا ببيت شعر يتيم ..
وأحيانا لا أخرج بشيء .. وقد احتفظ بالصفحة كاملة إذ أغلبها فيه خير ..
أضع بين أيديكم بعضا من هذه الفوائد التي خرجت بها ..
مشاركة إياكم شيئا من ثمار هذه الرحلة بين أروقة هذا النوع من المجلات ..
وإن كان لي تعليق على شيء منها فسأضعه بين قوسين ( ) باللون الأحمر .
أولى هذه الفوائد :
_ روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة قال :

" يا أبا أمامة مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة ؟ "

قال : هموم لزمتني وديون يا رسول الله ، فقال :

" أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله همك وقضى دينك ؟ "

قلت : بلى يا رسول الله .. قال :

" قل إذا أصبحت وإذا أمسيت : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ،

وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدَّين وقهر الرجال "

ففعلت ذلك فأذهب الله همي وقضى ديني .


علّق بعض العلماء على الحديث فقال :

هذا الدعاء من جوامع الكلم ، لأن أنواع الرذائل ثلاثة : نفسية ، وبدنية ، وخارجية

1 / فالنفسية منها ما يتعلق بالعقل كالهم والحزن ،

ومنها ما يتعلق بغريزة الغضب كالجبن ،

ومنها ما يتعلق بالشهوة كالبخل .

2 / والبدنية : العجز والكسل

والعجز قد يكون لفقد عضو ، أما الكسل فقد يكون مع سلامة الأعضاء والآلات .

3 / والخارجية : ضلع الدَّين ؛ أي ثقل الدَّين وشدته بحيث لا يجد من عليه الدَّين وفاء لدينه لا سيما مع المطالبة به من الدائن

وقهر الرجال : أي تسلطهم على الإنسان ، وما أفظع قهر الرجال ، خصوصا إذا كان من رعاع الناس .


( وجدت أنه قول الكرماني رحمه الله ، وهذا نصه :

قَــالَ الْــكِــرْمَــانِي :
هَذَا الدُّعَاءُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ ؛ لِأَنَّ أَنْوَاعَ الرَّذَائِلِ ثَلَاثَةٌ :

نَفْسَانِيَّةٌ ، وَبَدَنِيَّةٌ ، وَخَارِجِيَّةٌ ،

1 / فَالْأُولَى بِحَسَبِ الْقُوَى الَّتِي لِلْإِنْسَانِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ :

أ _ الْعَقْلِيَّةُ 

ب _ وَالْغَضَبِيَّةُ 
 
جـ _ وَالشَّهْوَانِيَّةُ ،

فَالْهَمُّ وَالْحَزَنُ يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْلِيَّةِ

وَالْجُبْنُ بِالْغَضَبِيَّةِ

وَالْبُخْلُ بِالشَّهْوَانِيَّةِ

2 / وَالْعَجْزُ وَالْكَسَلُ بِالْبَدَنِيَّةِ ،

وَالثَّانِي يَكُونُ عِنْدَ سَلَامَةِ الْأَعْضَاءِ وَتَمَامِ الْآلَاتِ وَالْقُوَى

وَالْأَوَّلُ عِنْدَ نُقْصَانِ عُضْوٍ وَنَحْوِهِ ،

3 / وَالضَّلَعُ وَالْغَلَبَةُ بِالْخَارِجِيَّةِ ،

فَالْأَوَّلُ مَائِيٌّ

وَالثَّانِي جَاهِيٌّ

وَالدُّعَاءُ مُشْتَمِلٌ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ )

_ سَكَتُّ عن السفيه فظن أني     عييت عن الجواب وما عييت
_ ثلاثة لا يفعلها إلا أخرق :
شرب السم للتجربة ، وائتمان النساء على الأسرار ، ومجالسة السلطان .
_ يقول ابن الجوزي رحمه الله :
ينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه ،
فلو كان يتصور للآدمي صعود السماء لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض ،
ولو كانت النبوة تحصل بالاجتهاد لرأيت المقصر في تحصيلها في حضيض !
_ حجرة واحدة تكفي لطرد مائة غراب .
_ ينام الحق أحيانا لكنه لا يموت !
_ يا بني العرب والكوارث تترى
أوقفوا سيرها وصونوا البقية
يا بني العرب إن الضعف عار  
إي وربي سلوا الشعوب القوية
كم ضعيف بكى ونادى فراحت
لبكاه تقهقه المدفعية
لغة النار والحديد هي الفصحى
وحظ الضعيف منها المنية !
( الأبيات لفهد عسكر )
_ سئل أحد الصينين :
ما هي كلمة السلام في اللغة الصينية عندكم ، على غرار " السلام " في العربية ،
و " شالوم " في العبرية ، و " بيس " في الانكليزية ؟
فقال باسما يجيب : " مين شان شو " !
ولما دققنا في معنى الكلمة الصينية وفسرناها لغة فصحى كانت النتيجة :
من أجل ماذا ؟!
_ حتى لا يحقدوا !!
لن ينال السلطان محبة رعيته له ، وهيبتها منه إلا إذا ظفرت منه بخمسة أشياء :
إكرام شريفها _ ورحمة ضعيفها _ وإغاثة لهيفها _ وكف عدوان عدوها _ وتأمين سبل رواحها وغدوها .
ومتى أعدمها شيئا من هذا .. فقد أحقدها بقدر ما أفقدها !
_ سأل ملك الفرس أحد مستشاريه : ما صلاح الملك ؟ فقال :
الرفق بالرعية _ وأخذ الحق منها بغير عنف _ والتودد إليها بالعدل _ وإنصاف المظلوم .
وقال : خير الملوك من أشرب قلوب رعيته محبته كما أشعرها بهيبته .
( لولا الأحداث الطاحنة هذه الأيام لما كنت أظنني سألتفت لها وأنقلها ، فاللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد )
_ ترك المعاقبة على صغائر الأمور يدعو إلى ارتكاب كبائرها .
_ كان لأحد الأمراء المجاهدين كاتب ، ولم يكن الأمير يسمح لكاتبه أن يرافقه في المعارك الخطيرة ،
وتضايق الكاتب من سلوك أميره فسأله :
لعلك لا تثق بي أيها الأمير ، دعني أذهب إلى ساحة المعركة .
قال الأمير :
يجب أن تبقى حيا ، حتى لو هلكنا جميعا ،
فكل إنسان يستطيع أن يحل محل المحارب بالسيف ، أما المؤرخ فلا !
ابق هنا ، واكتب عن جهادنا .
( ذكرتني هذه القصة بمقولة قرأتها سابقا تقول : من يصنع التاريخ لا يجد وقتا لكتابته )
هذا جلّ ما خرجت به من بضاعة ..
إضافة إلى قصص قصيرة شدني أسلوبها لا مضمونها !
وتبقى الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها .
دمتم للفرص صيّادين .. وللحكمة طالبين  : )



هناك تعليق واحد: