السبت، 12 مارس 2011

☼ إشراقات ☼



إشراقة " 1 " 
 
       :::         
حدّث محمد بن سُوقَةَ جماعة من زواره قال :
ألا أسمعكم حديثاً لعله ينفعكم كما نفعني ؟
قالوا : بلى 
قال : نصحني عطاء بن أبي رباح ذات يوم فقال :
يا بن أخي إن الذين من قبلنا كانوا يكرهون فضول الكلام  .
فقلت : وما فضول الكلام عندهم ؟
فقال : كانوا يعدون كل كلام فضولاً ما عدا كتاب الله عز وجل أن يُقرأ ويُفهم ..
وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُروى ويُدرى ..
أو أمراً بمعروف ونهياً عن منكر ..
أو علماً يتقرب به إلى الله تعالى ..
أو أن تتكلم بحاجتك ومعيشتك التي لابد لك منها ..
ثم حدق إلى وجهي وقال :
أتنكرون ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ )  
وأن مع كل منكم ملكين ( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )
ثم قال : أما يستحى أحدنا لو نشرت عليه صحيفته التي أملاها صدر نهاره ؛
فوجد أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ، ولا أمر دنياه !




إشراقة " 2 "

 ::: 
 
حدّثَ الأمامُ أبو حنيفة النعمان عن نفسه قال :
أخطأتُ في خمسة أبواب من المناسك بمكة فعلمنيها حَجَّام ...
وذلك أنى أردت أن أحلق لأخرج من الإحرام ، فأتيت حلاقاً وقلت :
بكم تحلق لي رأسي ؟
فقال : هداك الله
النسك لا يُشَارَطُ فيه ، اجلس وأعط ما يتيسر لك ...
فخجلتُ وجلستُ ،
غير أني جلست منحرفاً عن القبلة ،
فأومأ إلي بأن أستقبل القبلة ففعلت ، وازددت خجلاً على خجلي ،
ثم أعطيته رأسي من الجانب الأيسر ليحلق فقال :
أَدِرْ شِقَّكَ الأيمنَ ،
فأدرته .
وجعل يحلق رأسي وأنا ساكتٌ أنظرُ إليه وأعجبُ منه ، فقال لي :
مالي أراك ساكتاً ؟
كَبّر ,
فجعلت أُكَبِّر حتى قمت لأذهب ،
فقال : أين تريد ؟
فقلت : أريد أن أمضي إلى رحلي ،
فقال : صَلِّ ركعتين ، ثم امضِ إلى حيثُ تشاء ,
فصليت ركعتين ، وقلت في نفسي :
ما ينبغي أن يقع مثل هذا من حَجَّامٍ إلا إذا كان ذا علم ،
فقلت له : من أين لك ما أمرتني به من المناسك ؟
فقال : لله أنت ..
لقد رأيت عطاء بن أبي رباح يفعله ، فأخذته عنه ، ووجهت إليه الناس .


رحم الله مفتي الحرم
وجزاه عن أمة الإسلام خير الجزاء .
  الإشراقات من كتاب :
صُوَرٌ مِنْ حَيَاةِ التَّابِعِين
للدكتور :
عبد الرحمن رأفت الباشا
_ رحمه الله _



 

هناك تعليق واحد: