السبت، 26 نوفمبر 2011

تخدير الوعي .. وتكميم الأفواه .. إلى متى ؟!



كلما كانت نظرة المرء لواقعه أشمل وأعمق ..
كلما تكشَّف له مدى السخف والسَّفه والدجل الذي يمارسه الإعلام علينا !
بكل سياسته الغاشمة .. وشعاراته الفارغة .. وسمومه التي يحقن بها المتلقي بما يكذبه واقعه بل ويلعنه !
في محاولة مستميتة لتخدير الوعي الذي بدت عليه علامات الصحو وإعادته لسباته العميق ..
ولأن الغاية لديهم تبرر الوسيلة .. فإنهم يستخدمون في سبيل الوصول لأهدافهم كل الوسائل التي تزيد الإعلام ضِعة وهوانا وتفقده أدنى قدر من المصداقية ..
ابتداء باستضافتهم لأولئك اللابسين لبوس الدِّين والعلم لإسباغ الشرعية على قضايا لا يستطيع المغلوب على أمره إنكارها إلا همسا ..
وانتهاء بالسياسين " المتفائلين جداااا " والذين لا يرون في انهيار دعائم الدِّين ما يدعو حتى للقلق !
 
ثمة أسئلة والإجابات عليها لمّا تزل غائبة أو غائمة لدى الكثير
لماذا تبذل " وسائل الإعلام " كل ما بوسعها لتغييب الحقيقة ..
أو على أقل الأحوال تشويهها ؟!
ولماذا ينجحون في ذلك ؟!
أين هو الوعي الواجب توفره في الأمة كي تستعيد مكانتها ؟
كي تعلم ما يحاك لها ؟
كي تعرف من أن تُؤتى في كل مرة ؟
كي تميز الصدق من الكذب .. والصديق من العدو ؟

إن الحرب اليوم إعلامية أكثر منها ميدانية ..
وإن أعداءنا يعلمون يقينا لمن الغلبة في ساحات النزال ..
ولا يرد عنهم الكذب الذي يمتهنه الإعلام ليل نهار بأمر كبرائهم كوابيسهم المفزعة .. 
إن كل ما يبث وينشر لا يستهدفهم .. فهم يرون ما يجري بأم أعينهم ..
إنما الشريحة المستهدفة هم الغائبون المغيبون عما يجري من حولهم ..
ثم نحن المسلمون من عرب وعجم فقط من انطلت عليهم الحيل بكل بساطة !
فما الذي فعلناه لنقاوم كل هذا الكيد والمكر الكبار من خلال عصا الإعلام السحرية ؟!
ما الذي فعلناه لنوفر لنا موطئ قدم في ساحات الحق واليقين ؟
أين هو العدل الذي ندعو له ونحن نحكم على الآخرين من خلال ما يردد عبر إعلام يديره أعدائهم ؟!
 
فإن قال قائل :
أي حيلة بأيدينا والإعلام اليوم بكافة وسائله بيد العدو يديره كيف يشاء ؟!
لقلنا أن من أراد الحقيقة سعى إليها وبحث عنها ونقب عن أماكنها ..
فلسنا بأكرم من سلمان رضي الله عنه !
ومن يقول أن الحقيقة في هذا الزمن على وجه الخصوص ستطرق عليك بابك فقد كذبك !
لكن يبقى لها طرقها وإن درست .. ومواردها وإن شحت .. محفوظة بحفظ الله للدين ..
وباقية ما بقيت الطائفة التي لن يضرها من خذلها ..
 
إن أردنا الحقيقة حقا ..
فأين نحن من الوسيلة الظاهرة التي لم يستطع هذا العدو السيطرة عليها ؟
أين نحن من " النت "
الذي رغم حجب الكثير من المواقع التي تكشف سوءة أعداءنا .. والمراقبة المضنية لكل موقع ينشأ قد ينزع عنهم ورقة التوت التي يتسترون بها ..
إلا أنهم لم ينجحوا أبدااااا في حجب الحقائق المبثوثة من خلاله .. 
"
النت "
هو أقرب وأسهل الوسائل التي توصل الحقيقة لنا كشعوب ألفت دندنة الإعلام بكل ما يُجَمِّل صورة أعداءنا .. 
وأدمنت ذلك حتى لم تعد تصدق غير ما تسمعه عبر الإذاعات .. وتشاهده عبر القنوات .. وتقرأه عبر الصحف !
   بل والأدهى أنها ترد الواقع وتنكره إيمانا منها بحبال وعصي سحرة الإعلام !!!
ولأن ليس لديها من الوقت ما تنفقه في سبيل الوصول للحق ،
فوقتها الثمين تتربص به المسلسلات الهابطة والأفلام الماجنة .. 
أو في أحسن الأحوال تهدر الأوقات في متابعة المهاترات السياسية بين محللين لا يفقهون ما يجري ..
أو لنكن دقيقين أكثر ولنقل أنهم يعلمون جيدا ما هو المطلوب منهم أن يظهروه ! 
 
ومن المفارقات العجيبة _ المضحكة المبكية _ أننا وحين لا نجد الوقت أبدا لتتبع أي خبر كان .. ومعرفة مصدره .. ومدى صحته ..
والإطلاع على ما يقوله أعداءنا الذين توفرت لهم كل السبل لإيصال صوتهم، والإطلاع كذلك على ما يقوله الطرف المُغيَّب في القضية والذي نصبناه عدوا لنا دون وعي ..
إلا أننا قد نستمر بالساعات نأكل في عرض من ردد علينا الإعلام أنه فجّر سيارته في أحد أسواق بغداد المكتظة بالمدنيين .. أو في شارع من شوارع كابول يعجّ بالأبرياء من المارّة !!! 
في ترديد واضح لما يقوله من يملك الإعلام دون تثبت !
فأين هو العدل يا من يدَّعي العدل ؟!
داوود عليه السلام لما استمع لأحد الخصمين دون الآخر .. 
مع تكافئ الفرص لكلا الخصمين .. 
فجميعهم أمامه ، ولم يمارس أحد على الآخر سياسة تكميم الأفواه ..
إلا أن الله تعالى قال بعدما استغفره نبيه
  "
فغفرنا له ذلك ... "
فكم من الذنوب .. تلك التي تحتاج منا لاستغفار وتوبة ورجوع بل وإصلاح لكل ما أفسدناه وشوهناه من صورة للطرف الآخر الذي لم نسمع صوته إلا بلسان خصمه ..  

وبينما يتوفر لعدوه كل الوسائل لبث ما يريد وحجب ما يريد .. 
يبقى هو لا يملك ما يصد به سحر فرعون سوى عصا موسى " النت "
إلا أنه لم يتمكن من إلقاءها أمام الملأ يوم الزينة لتلقف إفك السحرة .. 
وما ذلك إلا لأن فرعون اليوم فقه الدرس من فراعنة الأمس .. 
وخشي سجود السحرة وإيمان الناس ..
فقطع على خصمه الطريق في كل يوم زينة ..
وضيق عليه الخناق ..
ليبث الأخير ما عنده من حقائق في مكان هو أقصى حيلته ومنتهى ما سُخر له .. 
فخذلهم أبناء أمتهم .. ولم يكلفوا أنفسهم مجرد النظر فيما يقولونه لتتزن المعادلة فيكون الحكم بعد اليقين ..

ومع شراسة الحرب الإعلامية واشتعالها .. 
ونصب العراقيل تلو العراقيل للحول دون الوصول للحقيقة .. 
يأبى الله أن تضل الأمة جمعاء .. 
ويبقى من يعرفون الحقيقة كاملة " قلة " وسط الغثاء .. 
"
غرباء " في زمن من لم يشعر فيه بالغربة فعليه أن يراجع منهجه .

* 17 / 2 / 1432 هـ



 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق